منتدى إقرأ الثقافي
المواد المنشورة هنا لا تعبر بالضرورة عن رأي القائمين عليها
غايتنا رضى الله سبحانه, و هدفنا تثقيف الأمة الإسلامية بكل العلوم
منتدى إقرأ الثقافي
المواد المنشورة هنا لا تعبر بالضرورة عن رأي القائمين عليها
غايتنا رضى الله سبحانه, و هدفنا تثقيف الأمة الإسلامية بكل العلوم
منتدى إقرأ الثقافي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى إقرأ الثقافي

منتدى ثقافي للكتب باللغات الكوردية, العربية, الفارسية و الإنجليزية
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  المنشوراتالمنشورات  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 سیناء المدخل الشرقي لمصر - عباس مصطفى عمّار

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو علي الكردي
المدير
ابو علي الكردي


عدد المساهمات : 11822
تاريخ التسجيل : 01/09/2013
العمر : 63
الموقع : أربيل

سیناء المدخل الشرقي لمصر - عباس مصطفى عمّار  Empty
مُساهمةموضوع: سیناء المدخل الشرقي لمصر - عباس مصطفى عمّار    سیناء المدخل الشرقي لمصر - عباس مصطفى عمّار  I_icon_minitimeالأربعاء أكتوبر 22, 2014 12:00 pm

سیناء المدخل الشرقي لمصر - عباس مصطفى عمّار  11138

طي الذاكرة
سيناء المدخل الشرقي لمصر
تاليف/عباس مصطفى عمّار
الناشر/المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات - قطر
الطبعة/الثانية 2014

أصيبت أوروبا بصدمة ثقافية وساد قادتها حالات من الهلع، حين انتهت حروب الفرنجة في المشرق العربي الى الفشل في الثلث الأخير من القرن الثالث عشر الميلادي (1096 1291). وطرحت تلك الازمة أسئلة كثيرة: لماذا تعثرت الحملات؟ ما هي الأخطاء التي ارتكبت؟ كيف السبيل الى تصحيحها؟ وكان السؤال الكبير: كيف يمكن تجنّب الأخطاء في حال قرر قادة أوروبا إعادة التجربة وتكرار الحملات؟

آنذاك، أقدمت الكنيسة البابوية على تكليف المؤرخ مارينو سانتو تأليف كتاب عن تلك الحروب والاجابة عن سؤالين، الأول: لماذا فشلت؟ والثاني ما هي الاقتراحات الواجب اتباعها للوصول الى النجاح؟

حصل التكليف في مطلع القرن الرابع عشر، وانتهى سانتو من تأليف موسوعته بين الأعوام 1321 و1326. الموسوعة تقع في 13 مجلداً وتشرح أدق التفصيلات التي جرت في فترة الحروب وصولاً الى تقديم اقتراحات لقادة الدول توضّح أسباب الفشل وتضع الخطط اللازمة لتجنب السقوط فيها.

المجلد الأخير هو الأهم لأنه يفسر العوامل الجغرافية البشرية التي أحبطت خطة السيطرة على المنطقة (القدس وبلاد الشام). ويقدم الكتاب المشروع البديل في حال قررت أوروبا استئناف الحروب وأخذ زمام المبادرة في لحظة الهجوم المضاد.

أخطر ما تضمّنه الجزء الأخير من الموسوعة تحديد سانتو السبب الرئيس للفشل وتمثّل برأيه في خطوط مسار الحملات التي تركّزت جغرافيًّا على احتلال ساحل بلاد الشام للوصول برًّا وبحراً الى القدس وإهمال موقع مصر وأهميتها الاستراتيجية ووزنها الديمغرافي. ورأى سانتو أن مصر تشكل قاعدة جغرافية ديمغرافية للمنطقة وتحتوي على أكبر خزان بشري يغذي بلاد الشام باحتياط من الجيوش القادرة على الحماية أو التصدي أو قيادة المواجهة. وهذا ما فعله صلاح الدين الأيوبي حين قرر تأجيل المعركة وتأخيرها الى ما بعد تأمين الجانب المصري (الجبهة الخلفية) وتوحيده مع بلاد الشام قبل أن يباشر هجومه المضاد على الفرنجة. وعلى أساس هذه القراءة قدّم سانتو مشروعه الذي يتضمن اقتراحات عملية ونصائح للكنيسة وقادة أوروبا في حال قرروا استئناف المواجهة. وأخطر ما ذكره في خطة مشروعه تركز على تصويب جغرافيا الحملات فاقترح أن تعطى مصر الأولوية، وبعدها تنطلق الهجمات من سيناء لاحتلال فلسطين والسيطرة على القدس.

حين أنجز سانتو تأليف موسوعته في مطلع القرن الرابع عشر كانت أوروبا تعاني الضعف والفقر وتفشي الأمراض والبطالة. فأوروبا لم تكن في وضع يسمح لها باتخاذ قرارات مكلفة لمواجهة طرف نجح في اعادة تشكيل قوته بعد تخبط سياسي شهدته بلاد الشام نتيجة التنافس العباسي الفاطمي على دمشق والقدس. لذلك قرر قادة أوروبا البحث عن بدائل (ممرات جغرافية) وتجنب الدخول في مواجهات مباشرة مع مراكز خطوط التجارة التي تعبر العالم الاسلامي. وبسبب هذا الضعف أهمل مشروع سانتو ودخل في طي النسيان.

المشروع البديل كان يحتاج وقتاً ويتطلب تعديل موازين القوى أيضاً حتى لا تصاب أوروبا بالفشل وخيبة الأمل. ولم يمض الوقت الطويل حتى أخذت المعادلة تتبدل وبدأت تظهر على السطح علامات ضعف في الجانب العربي الاسلامي ومعالم قوة في الجانب الأوروبي.

قبل ذلك كانت بلاد الرافدين تعرضت في القرن الثالث عشر الى موجات من الغزوات المغولية فسقطت بغداد في عام 1258م (656هـ)، وتفككت بلاد الشام الى دويلات الى أن نجح المماليك في الحد من آثارها السلبية حين تصدوا للمغول في معركة عين جالوت (1260م/658هـ) ووضعوا حدًّا لخطة تقدمهم نحو القدس. إلا أن المشكلة الكبرى لم تقتصر على غزوات المغول وتفكك المنطقة الى دويلات ومراكز قوى مترافقة مع انهيارات في الأندلس، بل زاد الطين بلّة اجتياح الطاعون المشرق العربي والمغرب العربي وموانئ البحر المتوسط ما أدى الى تعطيل خطوط التجارة (النقل والقوافل) وانتشار الذعر خوفاً من اقتراب الحساب ونهاية العالم.

[ الاندثار

من يقرأ تاريخ ابن خلدون عن المغرب وتاريخ ابن كثير عن المشرق في تغطية حوادث القرن الرابع عشر يجد التشابه بينهما في وصف اندثار القرى وفراغ المدن وانهيار الزراعة والتجارة ورحيل شرائح واسعة من النخب (كبار العلماء والفقهاء والقضاة والأساتذة) بسبب تفشي الوباء الذي اجتاح شواطئ البحر المتوسط. إن لحظة الطاعون شكّلت بداية الافتراق. العالم العربي الاسلامي واجه الوباء بالبكاء والتعاويذ، بينما أوروبا راحت تبحث عن دواء لمقاومته. واختلاف الاستجابة للتحدي بين الطرفين رسم خطوط تمايز أخذت تتسع وتتعمق وصولاً الى القرن الخامس عشر وبدء البرتغال في اكتشاف خطوط ملاحة بديلة في عهد هنري الفاتح تستغني عن الممرات البحرية والبرية القديمة التي تربط أوروبا بالهند والصين (طريق الحرير). وشكلت لحظة الدوران حول أفريقيا (رأس الرجال الصالح) خطوة مفارقة في توازن القوى، إذ أضافت قوة كان لها تأثيرها في انهيار الإمارة الأندلسية الأخيرة في اسبانيا. وسبقت لحظة تسليم غرناطة (مفاتيح القصر الأحمر) وصول كريستوف كولمبوس الى أميركا في العام 1492، وبدء السفينة عصر الاكتشافات الجغرافية الكبرى التي كان لها الفضل في توسيع الأفق الأوروبي ورفعه عالميًّا الى الأعلى.

لا تعرف اللحظة التي أعيد فيها اكتشاف أوراق سانتو، ولكن المشروع (الأفكار والاقتراحات) استخدم في عملية الهجوم المضاد على المشرق العربي انطلاقاً من مصر وسيناء. فالخطط كانت جاهزة حين بدأ الفيلسوف الألماني غوتفريد فيلهلم ليبنتز (1646 1716) جولته في العواصم الأوروبية لحثّها على توحيد الكنيستين الكاثوليكية والبروتستانتية وتشجيعها على تصدير فائض القوة من القارة الى دول الجوار في حوض البحر المتوسط.

إن مشروع اعادة احياء الحروب مع الشرق كان في البداية مجرد فكرة قال بها بعض قادة أوروبا ونخبها، لكن الفكرة كانت تحتاج الى وقت حتى تصبح جاهزة لتحمل تبعاتها وتداعياتها. واستلزمت لحظة الهجوم المضاد كثيراً من الوسائل والأدوات، واحتاجت أيضاً الى خطة عمل قادرة على كسر معادلة التوازن التي استقرت عليها ضفاف البحر المتوسط وامتداداته الحضارية من المغرب الى المشرق.

[ فائض القوة

لم يمض الوقت الطويل حتى جاءت اللحظة حين أخذ فائض القوة في جرجرة الدول الاوروبية الناهضة الى الاقتتال للسيطرة على القارة الأوروبية. فالمواجهات الممتدة دفعت القادة والنخب الى البحث عن بدائل والتفكير بحلول تنقل الصراع من داخل القارة الى خارجها. والخطوة الحاسمة كانت تحتاج قراراً يتخذه جنرال يتمتع بحس المغامرة ويمتلك القدرة على تحمل المسؤولية، بغض النظر عن الأثمان والنتائج. وجاءت اللحظة التاريخية حين قرر نابليون بونابرت توسيع آفاق المواجهة مع بريطانيا ونقلها من الغرب الى الشرق بغية التحكم بمعابر التجارة وخطوط الملاحة البحرية والبرية. واتجهت البوصلة نحو مصر، فهي مركز الثقل الجغرافي الديمغرافي وهي المدخل الغربي الى الشرق، ومن يسيطر عليها يفتح الطريق الى سيناء وفلسطين (القدس) وساحل بلاد الشام. وهكذا عادت الدائرة الى المربع الأول حين بدأت الحملة الفرنسية على مصر (1798 1801) بهدف قطع الطريق بين بريطانيا ومستعمراتها في الهند وآسيا. فشلت الحملة التي استغرقت ثلاث سنوات في تحقيق أهدافها، وأسفرت عن عودة القوات الفرنسية الى أوروبا، ودخول بريطانيا على خط استعادة زمام المبادرة في مصر (بدأ الانتداب في 1882) والبحر الأحمر (خليج عدن) ما أعاد التذكير بالماضي الذي شرح سانتو ثغراته وملابساته وبدائله.

سيناء هي «المدخل الشرقي لمصر» وسيناء أيضاً هي «المدخل الغربي لفلسطين». سابقاً كانت الغزوات (موجات متبادلة) تأتي من بلاد الشام فتعبر سيناء الى مصر. في العصر الحديث انعكس خط المسار الجغرافي وبدأت الحملات تأتي الى مصر ومنها تعبر سيناء للدخول الى القدس وبلاد الشام.

[ معابر سيناء

حين صدر كتاب عباس مصطفى عمار في عام 1946 عن «المدخل الشرقي لمصر أهمية شبه جزيرة سيناء كطريق للمواصلات ومعبر للموجات البشرية» كانت مصر وفلسطين والعراق تحت الانتداب البريطاني، ولبنان وسورية تحت الانتداب الفرنسي. والمنطقة كانت منهكة سياسيًّا ومنهارة اقتصادية وضائعة في خياراتها وتحديد هويتها.

وضع الكتاب في لحظة انتقالية كان الانتداب فيها يستعد للرحيل، والمنطقة كانت تائهة ولا تعرف ما ينتظرها من صدمات سياسية ستزعزع استقراراها وتعطل نموها وتعرقل وحدتها. وجاء كتاب «المدخل الشرقي لمصر» في لحظته، لكنه لم يلتقط الجانب الآخر من الصورة؛ وهو أن سيناء تشكل المدخل الغربي الى فلسطين أيضاً. آنذاك كانت مصر بعد خسارة جيشها معركة التل الكبير في عام 1882 تحت الانتداب. وأعقبها أزمة 1906 حين أمر السلطان عبد الحميد الثاني، قبل فترة وجيزة من نهاية عهده، قائد جيشه رشدي باشا بالسيطرة على منطقتي طابا ورفح وضمهما الى السيادة العثمانية. أنذرت بريطانيا اسطنبول بضرورة اخلاء المنطقتين، وتألفت لجنة لفك الاشتباك، وكان نعوم شقير (1864 1922) أمين سرها العام فاقترح ترسيم الحدود وإقرار حق مصر بالسيادة على طابا ورفح (الحدود الشرقية). وانتهت الأزمة في تشرين الأول/ أكتوبر 1906 بتوقيع اتفاق بين السلطنة العثمانية ومصر يقر بالسيادة المصرية على سيناء.

بعد انتهاء الأزمة عكف شقير على تأليف كتاب عن سيناء في العام 1907 مستفيداً من الخرائط والمعلومات التي تجمعت لديه في خلال مرحلة التفاوض. لكن الكتاب تأخر صدوره الى العام 1916. وفي خلال تلك الفترة أخضعت خريطة المشرق العربي لإعادة الهيكلة السياسية بعد أن فشل جمال باشا (1873 1922) التركي العثماني في حملته لتحرير السويس سنة 1915 والقضاء على السيطرة البريطانية.

فشل حملة ترعة السويس الأولى (1915) وفشل حملة ترعة السويس الثانية (1916) في معركة رمانة على ضفاف القناة كانت لحظة التراجع التركي العثماني عن المشرق العربي وبداية الدخول الأوروبي الى فلسطين وبلاد الشام. فالقوات البريطانية التي كان يقودها أدموند أللنبي (1861 1936) نجحت في عبور سيناء الى بئر السبع والفوز بمعركة (1917) والتغلغل عسكريًّا الى أن دخل القدس في 11 كانون الأول/ديسمبر 1917.

[ الحرب العالمية الأولى

بعد نهاية الحرب العالمية الأولى (1914 1918) انكشفت الأوراق الصفراء، فظهر اتفاق سايكس بيكو الذي وقعته بريطانيا وفرنسا في عام 1916 وقضى باقتسام بلاد الشام والعراق بعد تفكك السلطنة العثمانية، كذلك أعلن عن «وعد بلفور» الذي جاء في رسالة وجهها وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 1917 الى اللورد ليونيل دي روتشيلد لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.

جاء الوعد قبل اتفاق سان ريمو الذي وقع في المدينة الايطالية في نيسان/ابريل 1920 وقضى بمنح فلسطين لبريطانيا لأنها أرادت إنشاء معبر متواصل من السويس الى سيناء وحيفا والبحر الأحمر (خليج العقبة) وصولاً الى اليمن (خليج عدن). وبعد ذلك أقرت عصبة الأمم، بموجب معاهدة سيفر، الانتداب على فلسطين في 11 أيلول/سبتمبر 1922 ما أعطى فرصة عمل لبريطانيا لفتح باب الهجرة لليهود وشراء الأراضي بهدف اقامة وطن قومي كما وعد بلفور في رسالته.

عندما كتب عباس مصطفى عمار (مطلع أربعينيات القرن الماضي) الأستاذ في كلية الآداب (جامعة فؤاد الأول) أوراقه عن سيناء بوصفها المدخل الشرقي» لمصر، بناء على تشجيع من رئيس قسم الجغرافيا في الجامعة الأستاذ مصطفى عامر وسكرتير الجمعية الجغرافية الملكية المصرية، المسيو مونييه، كانت فلسطين تعاني سياسة القضم تحت الانتداب البريطاني ولم تكن المنطقة قد تعرضت للنكبة.

أمضى عباس مصطفى عمار تسع سنوات في سيناء يدرس جغرافيتها وتضاريسها وممراتها وتشعب تكوينها السكاني، الى أن أنجز دراسته ونشرها في مجلة الجمعية الجغرافية، ثم عاد وجمعها في كتاب. بعد صدور الكتاب في عام 1946 (قبل سنة من صدور قرار التقسيم) جرت وقائع كثيرة، وسيشهد المشرق العربي ومصر تداعيات لا تزال آثارها باقية حتى الآن. فالحرب التي نشبت في فلسطين ضد ميليشيات البلماح والأرغون والهاغاناه وشتيرن ستنتهي الى فشل وستؤدي الى ضياع فلسطين في 1948 بناء على قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1947.

لم تقتصر النكبة على فلسطين بل امتدت الى حدود سيناء حين حاصرت القوات الاسرائيلية في حرب 1948 قرية الفالوجة (تقع الى الشمال الشرقي من مدينة غزة) ولم تستسلم إلا بعد مفاوضات خرجت بعدها القوات المصرية من القرية بقيادة الضابط سيد محمود طه ومعه جمال عبد الناصر. وبعد الفالوجة اتسع نطاق المواجهة حين شنت بريطانيا وفرنسا وإسرائيل العدوان الثلاثي في عام 1956 فاحتلت سيناء بالكامل وصولاً الى قناة السويس رداً على اعلان عبد الناصر قرار تأميم قناة السويس. وانتهى العدوان بخروج بريطانيا وفرنسا من المنطقة وانسحاب اسرائيل من سيناء بعد صدور قرار من الأمم المتحدة قضى بنشر قوات طوارئ دولية في منطقة شرم الشيخ المطلة على خليج العقبة.

[ العدوان الثلاثي

بعد العدوان الثلاثي ستشهد المنطقة حرب 5 حزيران/يونيو 1967 التي ستنتهي باحتلال الضفة الغربية والجولان وقطاع غزة وسيناء وسيغلق خط الملاحة في السويس.

لا يعرف إذا كان عباس مصطفى عمار (توفي 1974) قد تابع بدقة حرب الاستنزاف (حرب الألف يوم) التي اندلعت على ضفتي قناة السويس بين الجيشين المصري والاسرائيلي، لكن الحرب التي استمرت نحو ثلاث سنوات انتهت في آب/أغسطس 1970 حين وافق عبد الناصر على مبادرة وزير الخارجية الأميركي ويليام روجرز. لكن المبادرة فشلت في تأمين حل لأزمة الاحتلال، فاستمرت مناوشات اللاحرب واللاسلم الى أن اندلعت حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973. وهي الرابعة بين الدول العربية وإسرائيل، المعادلة وغيّرت اتجاه البوصلة. فبعد أن واجهت مصر حملات من «المدخل الشرقي» تحولت القناة وسيناء الى معبر من «المدخل الغربي» حين نجحت القوات المصرية في اختراق خط بارليف وعبور القناة الى الضفة الشرقية والتوغل في سيناء بعمق 20 كيلومتراً قبل صدور قرار وقف اطلاق النار (القرار 338) في 22 تشرين الأول/ أكتوبر 1973.

انتهت الحرب رسمياً بفك الاشتباك في أيار/مايو 1974 وتشكيل قوة خاصة للأمم المتحدة للفصل والمراقبة بعد فتح القناة وعودة الملاحة الدولية في حزيران/يونيو 1975. واستمرت الهدنة الى أن تم توقيع اتفاق كامب ديفيد في أيلول/سبتمبر 1978 اثر مبادرة أنور السادات وزيارته القدس في 19 تشرين الثاني/نوفمبر 1977. وانتهى الاتفاق بتوقيع معاهدة سلام في 26 آذار/مارس 1979 بإشراف الولايات المتحدة، تضمنت تسع مواد رئيسة نصت على انهاء حال العداء وجدولة الانسحاب من سيناء واعتبار مضائق تيران وخليج العقبة ممرات دولية. وتم الانسحاب من سيناء على مرحلتين؛ وتضمنت كل مرحلة جداول فرعية تشمل التوقيت والمساحات وخريطة توضّح أمكنة تمركز القوات المصرية الى أن انتهى الانسحاب الشامل والكامل في 25 نيسان/ابريل 1982، باستثناء شريط طابا الحدودي. لكن مصر استرجعت الشريط بناء على قرار تحكيم صدر عن محكمة العدل الدولية. غير أن ترتيب أبواب «المدخل الشرقي» لم يوقف الحروب، إذ استغلت اسرائيل لحظة استكمال الانسحاب من سيناء للهجوم على لبنان في 6 حزيران/يونيو 1982 ومحاصرة بيروت وإجبار القوات الفلسطينية على المغادرة بحراً والقوات السورية برًّا، ما فتح المجال لنمو مقاومة أخذت بالضغط على الاحتلال وصولاً الى اخراجه من لبنان في 25 أيار/مايو 2000.

على الجانب الفلسطيني الإسرائيلي استمرت المناوشات والضغوط والانتفاضات الى أن تم توقيع اتفاق أوسلو في 13/9/1993 الذي تضمن حق إسرائيل في العيش بسلام مقابل الاعتراف بمنظمة التحرير وحقها في اقامة سلطة حكم ذاتي انتقالي في الضفة وقطاع غزة. وبعد أوسلو وقع اتفاق طابا (في سيناء) في 28 أيلول/سبتمبر 1995 لوقف المواجهات الدامية التي اندلعت بعد مجزرة الحرم الابراهيمي.

شكل قطاع غزة، بحكم موقعه الجغرافي على خط تماس الحدود، ثغرة تقليدية ساهمت في اعادة صورة سيناء الى الخريطة. فالقطاع المقطوع الصلة بالبر الفلسطيني منذ سنة 1948 والمطل على المتوسط لا يملك منافذ سوى تلك الممرات التي تربطه بمصر. فالممرات الوعرة في سيناء تحتاج الى قوة خلفية لحماية طرق العبور وهذا غير متوافر بسبب منع اتفاق كامب ديفيد انتشار الجيش المصري بقوة وكثافة على الحدود الفلسطينية الاسرائيلية.

شجعت هذه الثغرة الناس على فتح معابر (أنفاق سرية) لربط غزة بالمدى الجغرافي المفتوح على سيناء والسويس ما ساهم في تجسير تلك الهوة وأثار غضب إسرائيل، فأقدمت على محاصرة غزة بعد فوز حماس في الانتخابات التشريعية في عام 2006. اشتد حصار غزة وتواصل بعد نجاح حماس في السيطرة على القطاع في 2007 ما دفع الآلاف من السكان الى اقتحام معبر رفح على الحدود المصرية في 23 كانون الثاني/يناير 2008 للتزود بالوقود والمواد الغذائية والطبية. لكن اسرائيل لم تتكيف مع كسر جدار الحصار واختراقه بالمعابر والأنفاق، بناء على هدنة انتهت في 4 تشرين الثاني/نوفمبر 2008، فقررت العدوان على غزة ما أدى الى اندلاع مواجهات بدأت في كانون الأول/ديسمبر 2008 وانتهت بوقف اطلاق النار في كانون الثاني/يناير 2009.

[ 2009

بعد 2009 جرت في سيناء أمور كثيرة، لكونها منطقة مفتوحة على مداخل جغرافيا مصر والمتوسط والبحر الأحمر وفلسطين. فسيناء تعتبر، جراء اتفاق السلام، منطقة رخوة وسهلة الاختراق ما أعطى مساحتها الجغرافية الواسعة والوعرة تلك الأهمية لعبور المجموعات المسلحة بهدف تنشيط العمليات العسكرية وتعزيز قدرات غزة والامساك بالمجال الحيوي الذي بسببه تتمتع سيناء بمكانة استراتيجية تربط مصر بعمقها العربي المشرقي. وظهرت هذه الأهمية الجيو-سياسية بقوة بعد انتفاضات «الربيع العربي» في 2011 وتعديل صورة النظام في مصر في 2013.

تحولت سيناء في وضعها الحالي الى ما يشبه الأرض المفتوحة على احتمالات واتجاهات، فهي «المدخل الشرقي» الى مصر وكذلك هي «المدخل الغربي» الى فلسطين وبلاد الشام. ولهذا الأسباب مجتمعة يحتل كتاب عباس مصطفى عمّار أهمية خاصة لكونه أعطى انتباهه المبكر لموقع سيناء ودورها الحيوي في تشكيل ذلك الرابط التاريخي الاستراتيجي الجغرافي بين افريقيا وآسيا.

الكتاب غني بالمعلومات الجغرافية والتاريخية والأنثروبولوجية ويستند الى مصادر تراثية قديمة (ابن اياس، ابن خرداذبة، الأصطخري، حمزة الأصفهاني، القلقشندي) ومراجع عربية حديثة (جرجي زيدان وحسين صادق وعارف العارف ومحمد لبيب البتانوني ونعوم شقير) اضافة الى وثائق عربية وبريطانية وفرنسية وألمانية ترجع الى فترات مختلفة، وتقارير رسمية صادرة عن مصلحة خفر الساحل أو مصلحة الحدود أو محفوظات في مكتبة دير سانت كاترين، أو خرائط أشرف على رسمها وجمعها يوسف كمال سنة 1933.

يعرض الكتاب لأهمية شبه جزيرة سيناء الجغرافية (المدخل الرئيس الشرقي) بوصفها كانت المعبر التاريخي الذي اتخذته الموجات المختلفة من البشر (الغزوات) للدخول الى مصر (وادي النيل)، أو للخروج منها للغزو أن صد الهجمات. كذلك يعرض لتاريخ مرور التجارة والقوافل ونقل البضائع والمنتوجات بين آسيا وأفريقيا. ويشرح الكتاب جغرافياً ومناخياً ممرات سيناء ودروبها ومحطاتها التي كانت تسلكها قوافل الحجاج من بلاد الغرب. كذلك يأتي على ذكر القبائل المهاجرة أو اللاجئة أو المستوطنة (قضاعة، بلى، الصوالحة) مع خرائط وجداول ولوائح توضح توزيعها.

لجميع تلك الأسباب كان لا بد من اعادة تحقيقه، لأنه يضيف معلومات غنية عن أرض شبه منسية، كذلك يقدّم فكرة عن منطقة مهمة تعرضت للاهمال. فالكتاب جاء في توقيت ملائم، خصوصاً بعد المتغيرات السياسية في مصر منذ سنة 2011 فصاعداً، والتي أفسحت في المجال لنمو الفوضى والبؤر المسلحة على قاب قوسين من فلسطين.


رابط الكتاب
------


رابط مباشر



رابط بديل




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://iqra.ahlamontada.com
 
سیناء المدخل الشرقي لمصر - عباس مصطفى عمّار
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» 199 الفكر الشرقي القديم - جون كولر
» العلاقات الأدبية بين العرب واليهود - د.فيصل بن عمّار العمّاري
» مستقبل الإسلام في الغرب والشرق - مراد هوفمان & عبدالمجيد الشرقي
» التاریخ السياسي للجزائر من البداية و لغاية 1962 - د.عمّار بوحوش
» 0732 قصص بسیطة روایة من الريف الالماني الشرقي تأليف إنجو شولتسه

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى إقرأ الثقافي :: القسم العربي :: السياسة ,الآقتصاد-
انتقل الى: