علم الإجتماع الطبي
تأليف: محمد محمود الجوهري وزملائه
الناشر: دار المسيرة - عمان
الطبعة: الأولى 1430 - 2009
يقوم علم الاجتماع الطبي على محاولة تطبيق النظريات، والمناهج السوسيولوجية على ميدان الطب كنظام اجتماعي، كما يتضمن هذا الفرع دراسة تصورات الناس عن الصحة والمرض. بمعنى آخر يتناول علم الاجتماع الطبي الميدان الصحي بوصفه نظاماً اجتماعياً ثقافياً، أي بوصفه مجموع المؤسسات النظامية التي تستهدف إشباع احتياجات الناس إلى المحافظة على الصحة ومقاومة المرض.
وقد ظهر هذا المصطلح (علم الاجتماع الطبي) في أوائل القرن العشرين لأول مرة، واقتصرت دائرة اهتمامه على دراسة التأمينات الاجتماعية والرعاية الصحية للقطاعات والطبقات الفقيرة في الشعوب الأوروبية والأمريكية.
وقد ظهرت قبل ذلك حوالي عام 1850 محاولات من جانب بعض الأطباء للاهتمام ببعض النواحي الاجتماعية في ممارسة مهنة الطب وفي تدريس العلوم الطبية. ثم ظهرت بعد ذلك الاهتمامات بالصحة العامة والطب الوقائي وما كان يعرف بالطب الاجتماعي، وذلك من خلال جهود جوتشتاين Gottstein، وتيليكي Teleky، وجروتيان Grotjahn. وكان ميدان الصحة العامة Social Hygiene يهتم في المقام الأول بالأمراض الاجتماعية، وهي تعني الأمراض الواسعة الانتشار التي يتطلب القضاء عليها ومكافحتها إمكانيات تتجاوز حدود الإمكانيات الفردية، والتي بدا من الممكن آنذاك أنه يمكن وقاية الناس من شرورها تماماً (ومن هذه الأمراض: السل الرئوي، والأمراض التناسلية، والروماتيزم، وانضم إليها في عصرنا الحاضر السرطان وأمراض الدورة الدموية). ويلعب الدور الأول والأهم في مكافحة هذا النوع من الأمراض مراعاة بعض الأمور والاحتياطات المادية (كالتطعيمات المناسبة، والسموم المرتبطة بممارسة مهن معينة، والظروف السكنية السيئة...إلخ). على حين يهتم علم الاجتماع الطبي بدراسة الجوانب والاعتبارات غير المادية، ذات الطبيعة الاجتماعية الثقافية، مما جعله يرتبط ارتباطاً وثيقاً بأهداف الطب السيكوسوماتي (الجسمي النفسي) الحديث.
أما الطب الاجتماعي Social Medicine فيركز الجانب الأكبر من اهتمامه على دراسة العلاقات بين التشريع والطب (مثل عمليات منح الشهادات والتقارير الطبية). ومن ثم يتضح أن رسالة علم الاجتماع الطبي ومجال اهتمامه يتجاوز بكثير حدود اهتمام الصحة العامة والطب الوقائي وكذلك حدود اهتمام الطب الاجتماعي.