عدد المساهمات : 83 تاريخ التسجيل : 02/09/2013 العمر : 50 الموقع : u.k
موضوع: { من قصص الشهداء المنسيون } الإثنين سبتمبر 09, 2013 3:39 am
{ من قصص الشهداء المنسيون }
" />
" قصة خالدة لن تموت "
يا ناطْرين التَلج ما عاد بدكُن ترجعوا صرِّخْ عَلَيهُن بالشّتي يا ديب بَلْكي بْيِسْمَعوا
يحكى أنه كان هناك ثلاثة شبان فلسطينيين أرادوا أن يقوموا بعملية فدائية ضد إسرائيل إنطلاقاً من الحدود اللبنانية - الفلسطينية المحتلة ولذلك قد أعدوا ما إستطاعوا اليه سبيلاً لتحقيق هذا الهدف , كانت البداية هي القيام بعمل التدريبات المهمة والمناسبة والإستعداد الكافي لإنجاز العهد الذي قطعوه على أنفسهم بتلقين العدو الصهيوني درساً قاسياً يتمثل بالقيام بعملية داخل العمق اليهودي الغاصب للأرض الحبيبة { فلسطين }, جهزوا أنفسهم لإتمام هذه العملية النوعية , ومن أجل أن يتم هذا الأمر جيداً إنطلقوا الى غابة جميلة من الغابات التي تعانق بلد الأرز على مقربة من الحدود المقصودة من أجل القيام بالعملية المباركة التي دعوا الله أن تنجح وترد كيد المعتدين أعداء الله والإنسانية أجمعين
في تلك الأثناء وخلال عبورهم اليومي الى الغابة الواقعة بالقرب من احدى القرى في الجنوب اللبناني لفت نظر أحد الأشخاص أنه وبالقرب منه وتحت شرفته أن هناك ثلاثة شبان يقصدون الغابة المطلة على البناء الذي يقطن فيه , وأنهم يقصدون الغابة صباحاً في توقيت محدد ومنتظم ويعودون من حيث أتوا في المساء , لم يكن هذا الشخص سوى الشاعر اللبناني " طلال حيدر " الذي شغله هذا الأمر وأصبح شيئاً مألوفاً لديه أن يرى أولائك الفتية يأتون الى تحت بيته وهو جالس في الشرفة يشرب قهوة الصباح ويقرأ الجرائد ويصبوا نظره بين الحين والحين الى خارج الشرفة ليتابع المارين ويسلم على من يعرفهم من الناس
وإستمر حالهم على هذه الوتيرة عدة أسابيع , ويوماً بعد يوم أصبح الشبان أصدقاء للشاعر ولكن عن بعد , أخذوا يتبادلون تحية الصباح والمساء كلما دخلوا الى الغابة أو خرجوا منها وشاعرنا أصبح لديه شوق وعزم للتعرف عن قرب على هؤلاء " الأصدقاء " عن كثب وبعد مضي وقت ليس بالطويل فكر أن يدعوهم الى بيته ليتعرف عليهم ويعرف " قصتهم " التي أثارت فضوله ولشرب القهوة التي يعدها في الصباح على وقع مجيئهم , وكذلك يفعل عند غروب الشمس على وقع عودتهم من الغابة وكأنهم كانوا يتواعدون على اللقاء مساءً فيما بينهم
فى إحدى الليالي , أنتظر طلال غروب الشمس بترقب .. وأفول ضوء المغيب بشوق .. لقهوة مميزة يحملها الى شرفة منزله كي يشربها هو وأصدقائه الثلاثة الذي فكر أن تجمعه القهوة بهم ويتبادلوا أواصر الصداقة والتعارف ومعرفة شأنهم , لطالما فكر وإحتار في تفكيره حيال هؤلاء الشبان الذين يلقون التحية عليه أسفل شرفته وهو يرد عليهم بتحيات مماثلة ويتسائل في سره ماذا يفعل هؤلاء الشبان في الغابة يومياً , يأتون في تواقيت متقاربة في الصباح ويعودون أدراجهم منها وفي تواقيت واحدة في المساء , وكل يوم على هذا المنوال , لابد وأن هناك سر في هذا الأمر , لذلك فأنه فكر أن يعرف السبب منهم وذلك بعد أن يدعوهم الى ضيافته
وإنتظر طلال عودتهم أصبح يجول بناظريه يمنة ويسرى كي يشهد عودتهم من الغابة من أجل تلبية دعوته لهم لشرب القهوة التي بردت وهي تنتظرهم على الشرفة , لقد آنس شاعرنا بهؤلاء الشبان وإستلطفهم وأصبحوا عادة جميلة قد ألف عليها وإعتادها . في ذلك المساء الكئيب تأخر الوقت , وأظلمت الغابة المقابلة لمنزله وعاد الناس الى منازلهم والوحيد الذي بقي ساهراً تلك الليلة على شرفته هو طلال حيدر الذي شعر بالقلق والضيق لعدم رجوع أصدقائه من مكانهم كالمعتاد , أحس أن هناك أمر مقلق ومحير لعدم مشاهدته لهم . فظل ماكثاً في مكانه تأخذه الأفكار المزعجة والسيئة , قال في نفسه لم أغادر الشرفة لوقت طويل ولا يمكن أن يكون أصدقائه قد خرجوا قبل أن يراهم بعينيه ويودعهم بشفتيه
زاد القلق, وأصبح الترقب والتفكير المزعج بأن أمراً ما وربما خطيراً قد حدث , وساورته الشكوك الكثيرة حيال هذا الأمر , ولم يستطع في ذلك... المساء أن يبقى مستيقظاً أكثر من ذلك الوقت المتأخر , فدخل غرفته لينام ويرتاح إلا أن الأفكار المزعجة والقلق راودوه عن نفسه فاستسلم لهما , ...وحالا بينه وبين الرقاد الذي أبيا أن بفارقانه تلك الليلة الحزينة التي يكاد لا يسمع لها غير حفيف أوراق الشجر وعواء الحيوانات الشاردة
في صباح اليوم التالي وبعد أن جهز قهوته كالمعتاد إنتظر وتمنى أن يأتي هؤلاء الأصدقاء لزيارة الغابة في موعدهم المحدد ككل صباح ليلقي عليهم التحية ويطمأن على سلامتهم , إلا أن النهار قد شارف على النهاية وكذلك الغروب ولم يرى أحد منهم وخيب ذلك أمله وإزداد قلقه . بعد بضعة أيام وبينما أخذ يقرأ فى إحدى الصحف ويرتشف قهوة الصباح على شرفة منزله قرأ خبراً أذهله وتمنى أنه لم يقرأه قط , فلقد نشرت الصحيفة أنه كان هناك ثلاثة شبان فلسطينيين " تسللوا " من الحدود اللبنانية - الإسرائيلية وقاموا بعملية فدائية وسط " إسرائيل " إستشهدوا فيها , وكانت صور الشبان الثلاثة منشورة مع هذا المقال الذي أدمى قلبه ومزقه , ... وتمكن طلال من التحقق من وجوههم التي لا يمكن أن ينساها والتي عشّشت في ذاكرته والتي حفظها خلال مرورهم اليومي تحت شرفته أيام تحضيرهم للعملية
أدت هذه الحكاية الواقعية الى تأثر الشاعر طلال حيدر بهذه الأجواء الحزينة فتمخض ذلك لتنظيمه قصيدة " مرثاة " تخلد قصة هؤلاء الشبان المجاهدين الثلاثة الذين نرجوا من الله أن يكونوا خالدون في الجنة كما هي دمائهم الزكية " العاطرة "خالدة في الأرض , وشاهدة على أفعالهم لنصرة إخوانهم وأهلهم الذين يعانون الظلم والتعسف والمهانة في دارهم الأصلية التي إغتصبها اليهود الصهاينة وعاونهم بعض الحكام الأذلاء العرب من أجل دراهم معدودة لا تسمن ولا تغني من جوع هذه القصيدة هي بعنوان { وحدن بيبقوا } وقد غنتها السيدة فيروز كأجمل ما غنت , ولم أتمالك نفسي من ذرف الدموع حزناً وأسفاً على أولائك الشهداء بإذن ربهم . وما زال هناك الكثير من التضحيات اليومية التي يقوم بها الكثير من الشهداء الأحياء وهي تنتطر يومها الموعود إكراماً للرب المعبود .
{ وحدن بيبقوا متل زهر البيلسان..}
غناء فيروز
وحْدُن بْيبْقوا مِتِلْ زهْر البيلســان وحْدُن بْيقِطفوا وْراق الزّمان بيْسكّروا الغابي بيضَّلهُن متل الشتي يْدقّوا عَلى بْوابي عَلى بْوابي يا زَمــــان يا عشِب داشِر فوق هالحيطان ضوّيت ورد الليل عَ كْتابي برج الحمام مْسَوّر وْعـالي هجّ الحمام بْقيْت لَـحـالي لَحالي يا ناطْرين التّـلج ما عاد بدكُن ترجعوا صرِّخْ عَلَيهُن بالشّتي يا ديب بَلْكي بْيِسْمَعوا وحْدُن بْيِبْقوا مِتِلْ هالغَيم العتيق وحْدُن وْجوهُن وْعتْم الطّريق عم يقْطعوا الغابي وْبإيْدَهُن متل الشتي يْدِقُّوا البِكي وْهنِّي عَلى بْوابي يا زمــــان مِنْ عُمِرْ فَيّ العشبْ عَ الحيطــان مِن قَبِلْ ما صار الشجر عالي ضوِّي قْناديل وأنْطُر صْحابي مرقوا فلُّوا
. الرابط في الأسفل لسماع هذه القصيدة المغناة
ابو علي الكردي المدير
عدد المساهمات : 11822 تاريخ التسجيل : 01/09/2013 العمر : 63 الموقع : أربيل
موضوع: رد: { من قصص الشهداء المنسيون } الثلاثاء سبتمبر 10, 2013 1:51 am
لقد ذكرتني بقول الشاعر :
ياراحلين عن الحياة وساكنين في أضلعي هل تسمعون توجعي وتوجع الدنيا معي